هو وهي
كيف يفكر ابني المراهق؟
"أنا مش عارفة إيه اللي حصل له؟ ده ما كانش كده!"
"هو بيعمل كده ليه؟"
"بنتي بتتعامل بطريقة غريبة، أنا ما بقتش فاهماها!"
كثير من تلك العبارات تتردد في بيوتنا، فعندما يوشك الأبناء على نهاية المرحلة الابتدائية، تجد الأم نفسها أمام تصرفات جديدة وغير مفهومة من قِبل ابنها أو ابنتها، حيث لم تعد ترضيهم طريقة الأم في التعامل، ولم تعد تعجبهم الهدايا والألعاب التي كانت تبهرهم بالأمس، وأصبحت ردودهم فجة وغير متوقعة، وأصبحت كلمة "لا" هي الراعي الرسمي لكل أحاديثهم.
إلى كل هؤلاء الأمهات: اهدئي وتراجعي خطوة إلى الخلف، فأنتِ الآن تواجهين مرحلة من أهم مراحل تطور النمو لدى أولادك، وأصبحتِ بحاجة ماسة إلى معرفة خصائص تلك المرحلة، لكي تستطيعي مساعدتهم على اجتياز هذه المرحلة، ولكي تقللي من احتمالات الصدام والخلاف بينكم.
مرحلة المراهقة هي:
هي ثورة نمو نفسي وعقلي واجتماعي، تتواكب مع مرحلة النمو الجسدي أو ما يدعى البلوغ، فما يحدث في مرحلة البلوغ من تغيرات بيولوجية، يجعل الطفل في مواجهة جسد يكبر، وملامح نضوج تجعله يبدو أقرب إلى الراشدين منه إلى الأطفال، ويستجيب المخ لتلك التغيرات أيضاً، فيعيد ترتيب أفكاره وأولوياته، فكما تقول سارة جونسون-أستاذ مساعد في الصحة العامة- "يستمر العقل في التغير على مدار الحياة، ولكن تحدث طفرات هائلة من التطور خلال فترة المراهقة".
فكيف يفكر المراهق؟
* لست طفلاً: فأكثر ما يزعج المراهق أن يعامل معاملة الأطفال، فهو الآن شخص بالغ، ويطالب بمقعد متميز بين الراشدين ، حيث يحب أن يتحدث أحاديثهم وأن يؤخذ رأيه في مواضيعهم.
* أنا محق: حيث يعتز برأيه، ويراه صحيحاً دائماً، وكل من حوله مخطئون لأنهم لا يدركون ما يفكر به ومدى نضجه، فغالباً ما يرى أبويه تقليديين أو لا يفهمانه.
* لا: لأنه ليس طفلاً و لأنه محق، يشعر المراهق دائما برغبة في التمرد على كل ما هو حوله، ورفض أي وصاية من الآخر حتى وإن كانت في شكل رأي أو نصيحة، فيميل دائما إلى الصدام، والعصبية، والمعارضة، حيث يجد في ذلك الوسيلة الأمثل لكسر الحواجز والقيود للخروج للعالم الواسع الذي يمارس فيه شخصيته كما يراها.
* أنا مضطرب: تراود المراهق أحاسيس كثيرة متناقضة وملحة، تجعله في حالة اضطراب نفسي وتوتر دائمين، كما يتورط في الكثير من العلاقات العاطفية، حيث توصلت الدراسات أن المخ في مرحلة المراهقة يعتمد بشكل أكبر على "الجهاز الحوفي" وهو الجزء من المخ المسئول عن العواطف والذكريات والسلوكيات، فيصبح تفكير المراهق أقل منطقية وواقعية.
* فلنجرب!: يعلو لدى المراهق حس المغامرة، والرغبة في اكتشاف كل جديد، وتجربة كل ما يراه، فكما قلنا من قبل أن المراهق يفتقر إلى المنطقية في التفكير والتحليل ودراسة النتائج، فنجده يميل إلى الإسراع في القيادة أو تجربة التدخين والمخدرات أحياناً.
* كيف يراني الناس؟: يشغل المراهق كثيراً وضعه وقبوله الاجتماعي بين الناس، فيلجأ إلى الأشياء الغريبة والكلمات المبتكرة للفت النظر والحوز على الاهتمام، كما تنشأ فكرة الشلة من هذا الإحساس، حيث يبدأ المراهق في تكوين مجتمعه الخاص به والذي يخلق بداخله لغة مشتركة وتفاهمًا ويشعر من خلاله بالقبول والمحبة.
* المرجعية والفلسفة: يحتاج المراهق الكثير من لحظات التأمل والبحث عن فلسفة ومرجعية ليبرر من خلالها تصرفاته، ويرجع إليها في تقرير تحركاته وتوجهاته.
* في إطار البحث عن الأمان، لا يجد المراهق بديلاً لوالديه: فرغم ما قد يعتقده الأهل من تملص أبنائهم المراهقين من التواجد في المنزل أو في المناسبات المختلفة، إلا أن الحقيقة أن حاجة المراهق إلى الاحتضان والحب من الأهل هي حاجة ملحة ومهمة ويتوقف عليها الكثير من تطور شخصيته ونموها النفسي والعاطفي.
* أنا ومن بعدي الطوفان: يرى المراهق نفسه الحدث الأهم ومركز الكون، وتسيطر عليه في هذه المرحلة أناوية شديدة، فيرى كل الأشياء من خلاله، ويقيس كل الاختيارات بناء على تفضيلاته الشخصية.
فعلى الأم أن تدرك أن ما يحدث لأبنائها في هذه المرحلة هو خارج عن سيطرتهم، فالتمرد والعصبية ليست سلوكيات موجهة ضدها، وأن هذه الفترة العمرية تحتاج منها الكثير من الحكمة والحب لتستطيع اجتيازها بنجاح.